يا راعي "الصلعة"!

في كل يوم أنظر للمرآة وأقولها لنفسي وأنا أتنفس الصلعاء، أقصد الصعداء: ها أنا أقترب يوماً آخر من موت بصيلات شعري.. وستغدو بشرة رأسي لامعة تسر الناظرين!

ومع ظهور بوادر الصلع وتساقط الشعر، أستشرف أن حياتي ستختلف كلياً بعد الصلع، حيث سأستبدل شامبو الشعر بشامبو الجسم! وسأحرم من مقولة: مشغول بعدد شعر رأسي! ولن أقف بالساعات أنتظر دوري على كرسي الحلاق أيام العيد! وكذلك لن أصبح عرضة لقشرة الرأس، بل حتى سأوفر مصاريف الكريمات والجل وشامبو الشعر! إلى جانب توفير آلاف الساعات قضيتها أمام المرآة وبيدي مشط مزعج!

ومن مزايا الصلعة أن الشيب لن يظهر عليّ، ويوصف الأصلع بالذكاء والنبوغ، وعلامة مكشوفة على حسن التفكير ومنطقيته، وهي موضة حالياً، إذ غالباً ما تجد المشاهير من لاعبين وفنانين يتعمدون حلاقة رؤوسهم "ملط" تماشياً مع الموضة، ولا يفوتني هنا التذكير بصلعة أبو عصام في باب الحارة.. وأثناء كتابتي هذه الأسطر عن مستقبلي فاجأني صديق يداعب صلعته بمعلومة في غاية الأهمية: وهي أن مدينة مورهاد الأمريكية تنظم كل عام مهرجاناً ضخماً للصُلع، يقوم خلاله المشتركون بالتجول فخورين بصلعاتهم الملساء، كما يتبادلون الخبرات حول كيفية الاعتناء بالصلعة والشعور بارتياح أكبر رغم وجودها.. مستقبل يبشر بالخير!

كما أن هناك ميزة فريدة، وهي القيام بجرائم القتل بكل سهولة، لأن شعرك لن يعلق في موقع الجريمة!
نعم.. يحيا الصلع!

يقال أن السبب الرئيسي في الصلع هو عامل الوراثة، وحينما عدت في مخيلتي إلى جذوري العائلية، وجدت أن 95% من ذكور العائلة ينتمون لنادي الصلع، و5% البقية يقاومون عوامل التعرية!

وأتساءل دائماً لماذا في أفلام هوليوود- وأحياناً العربية- يكون الشخص الشرير أصلعاً، هل للشعر علاقة بالشر لتشابه الحروف بينهما أم أن الشعر مرتبط بالأخلاق؟!

جربت مرة وحيدة حلاقة شعري "زيرو" أو "موس" أيام حج العام الماضي، وأحسست بشعور خير اللهم اجعله خير كأنني طاير.. ااااااالله.. وكأن ورائي مكيف صحراوي بارد في كامل صحته وعافيته! أتحسس هذه الصلعة البطحاء الهيفاء الملساء برقة ودلع.. طاقة كهربائية هائلة 220 فولت! ينتابني شعور هائل أن أذهب للعمرة شهرياً لأقابل (كومار) الحلاق الذي يعمل بجانب المروة!

ومالهم "الصلاليع" أو "الصلعان"، ففي أشطح أحلامي حلمت أن زوجتي المستقبلية ستضع شرطاً أساسياً للزواج: أن يتمتع بصلعة في أقرب وقت ممكن! وفي جرعة تفاؤل سريعة أن ابني الصغير سيربط الصلع بالذكاء، فتجده يسأل والدته: متى أكبر يا ماما وأصير ذكي و"أصلع" زي بابا؟!

والحديث عن علاج للصلع كالحديث عن علاج الحماقة، كلاهما سيان! ففي الطب الشعبي، المشكوك في أمره والمخالط للكثير من الخزعبلات، أنه إذا غسلت صلعتك ببول الجمل مرة يومياً لمدة أسبوع فإنك ستشفى تماماً من الصلع، وآخر زاد: مضافاً إليه دم مخ قرد رضيع طازج! وآخر أغرق صلعته ليلا ونهاراً، سرًا وعلانية، بزيت الحشيش! فلا تجعل صلعتك حقل تجارب للآخرين، وارض بما قسمه الله لك وكن واقعياً، فمهما حاولت ستر صلعتك فإن هذا محال، ولا تخف، فعورة الرجل ليست من الصلعة إلى الركبة.. هوّن عليك!

وسيقال عنا في اللغة العربية الفصحى: أقبل علينا رجل حليق الرأس! وقعُها جميل.. على الأقل أفضل من حليق الذهن! ويمكن وصفنا أيضاً: جاءنا وهو مزلبط الرأس (مشتقة من زلبطة)!
فهنيئاً للـ"قرعان".. وأهلا بالصلع الذي اجتاحني باكراً!